مرعيان المحبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأبوذية والعتابة

اذهب الى الأسفل

الأبوذية والعتابة Empty الأبوذية والعتابة

مُساهمة من طرف فراس محمد فهمي أبونقرة الخميس ديسمبر 26, 2013 10:04 am

الأبوذية والعتابة
الأبوذية والعتابة

أ. (الأبوذية) : ضربٌ من ضروب الشعر الشعبي , وتمتاز بالبراعة الأدبية وقوة الديباجة والحس المرهف الرقيق.
وسُمّيت بذلك لأنها مركبة من كلمتين وهما: (أبو) وتعني صاحب , و (ذيه) وهي مخففة من (أذيّة) , فيكون معناها (صاحب الأذيّة).
و (الأبوذية( من بحر الوافر (مُفَاْعَلَتُنْ مُفَاْعَلَتُنْ فَعُوْلُنْ) ، ولها جواز آخر , (مُفَاْعَلْتُنْ مُفَاْعَلْتُنْ فَعُوْلُنْ) وتحوّل إلى (مَفَاْعِيْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ) ، وذلك لخفة الإيقاع.
وهناك أغنيات عراقية كثيرة جاءت على هذا الوزن وإيقاعه , ولعلّ من أشهرها أغنية : (هلا ويا نور عيني ويا هليه) ، والأبوذية تتكوّن من أربعة أشطر , ثلاثة منها متّحدة القافية بالجناس اللفظي ومختلفة المعنى , والرابع يختم بـ (ياء مشددة وهاء).
وتستخدم الأبوذية في أغراض كثيرة منها : ( العتاب - التوجّع – الحماس – المديح – الرثاء – الهجاء – الغزل – المراسلات – الألغاز ... الخ).
وتغنّى عند العراقيين بالذات بأشكال مختلفة , منها :
(اللامي – الصبّي – المشموم – الحيّاوي – العنيسي – الهوسة).

أقسام الأبوذية :
1 - الأبوذية المطلقة: وهي التي ينظمها الشاعر من ذاته وخياله وفطرته دون اللجوء إلى شعر غيره ، ونُورِدُ على ذلك مثالاً:
سنابسنا وسنابسـكم سنا باس
وعلى الفرقة مانـقدر سنا باس
يبحر الشوق يلتحمل سنا باس
دِ خدني أوياك و تعلعل سويّه ..

2 - الأبوذية المولّدة: وهي التي تقتبس معانيها من الشعر العربي ، وهذا مثال:
قال الشيخ علي التاروتي:
فذاك نهداكِ في بلور صدركِ
أم رمانتان هما من أحسن الثمر
سفينة موج من تجـبل صدرها
ويا حيف الزمن روحي صدرها
بـيهـا انهـود لَـنْ يلـمع صدرها
شبه رمان للمهجة شـهيّه ....

3 - الأبوذية الخماسية: وهي التي تتكوّن من خمسة أشطر , وهي نادرة الاستخدام , كقول الشاعر:
الألـف لف الذوايـــب مـن نسلها
البيه بادت ضــلوعي مـن نسلها
التيه تاهــت أفـكـاري من نسلها
الثيه ثـاري الحواري من نسلها
الجيم وجنة الفـردوس إليّه ...

4 - الأبوذية المتجانسة: ويكون التجانس في أشطرها الأربعة , ومثالها :
أريد أعـبر بــحر دمعي و فيّه
وعلـيج أقـطع ألـف فيّه و فيّه
ابشمس حبج أنا امعذّب و فيّه
وما عندج وفه واسـمج و فيّه

5 - الأبوذية الخماسية المتجانسة الأشطر , ومثالها:
حبيبـي شــيوصـلـك وانت ثريه
نشف دمعك وانه دموعي ثريه
رغم عسري تـــظل نـفسي ثريه
بظـلام اللــيــل أَوِجــن لك ثريه
ولــن قـــلبـك بـلا رحـــمة ثريه

6 - الأبوذية المدوّرة: وهي كالأبوذية المتعارف عليها , ولكن الشطر الثالث يأتي مبتوراً , فيكملها الشطر الرابع (الأخير) بمعنى أنّ الشطر الثالث لم يعطنا المعنى الكافي , ولكنه في الشطر الأخير يتدارك ويكمل المعنى , ولهذا يسمونها المدوّرة , ومثالها :
ابــتـــاج الفرح ولفي توجاني
وحسن رَدْ لي شبابي توجاني
مـن أثـمار الـمـــحبه توجـاني
قلبي الشبع ضيم امن الأذية ..

7 - الأبوذية المنثورة: وتسمى (المطشّر) ، وفيها يضيف الشاعر بعض التفعيلات بعد الشطر الثاني بما يشبه طريقة السجع لإضفاء شيء من جمالية الصنعة الشعرية والتطريبية معاً ، وهي من المبتكرات الحديثة والنادرة الاستخدام , ومثالها :
عـليك اهـواى ونّـيـنه ولعنه
شجاك انســيت يمدلّل ولعنه
متى اتواصل
قــلـــب ذابـل
جــسد نـاحل
دمــع سـايـل
حجي الباطل
رمــح شـايل
عـلى العـاذل
أريد أدعي ابقلب ذايب ولعنه
وِشاك وغيّر أطباعك عليّه ..

8 - الأبوذية المشط: وهي مجموعة من الأبوذيات المتصلة الحلقات , وكل ثلاثة أشطر تليها ثلاثة أشطر أخرى , فإذا أراد الشاعر إنهاء المشط فإنه يختمه (بالياء المشدّدة والهاء) , ومثاله:
الدهـر يا صاح بالــفـرقة ولانا
ولا نـوبه انــكـسر قـلــبه ولانا
لا انتـه عــــرفــت الحـب ولانا
نسـينا الشـوق وخــلفنا وعدنا
وعلى الـهجـران رديـنا وعدنا
هذا امن الوقت والحـب وعدنا
يفر بيّه الوقت نــوبه وفـربـيه
ومن ثلج العمر دربي وفـربـيه
أشْرِد وين أنا ابقلبي وفـربـيه
ابـدرب مسـدود وِمْـتَـيّـه محله
ادمـوعي جـم ذنـب قلبك محله
بـعد طيـر ابضـباب أبداً محله
ولا ظن بعد نـتـلاقـه سويّه ..

ب. (العتابة): لون من ألوان الشعر الشعبي الأصيل والجميل ، والكتابة عنها تثير في النفس لواعج الحزن والشوق والحنين وذلك لأنّها ما كتبت إلا لترجمة المشاعر ، وقد جاء اسمها من (العتب) ، والعتاب لا يكون إلا بين الأحباب والأصحاب والأقارب ، لكون جرحهم أشدّ إيلامًا للنفس ، ومن هنا كانت (العتابة) مؤثرة جدًا في النفوس ، لأنها نتاج مواقف حقيقية وقصص واقعية.
وقد تنوّعت (العتابة) من حيث موضوعها ، فبعد أن كانت تخصّ (الفراقيات) تجاوزتها إلى (الهواويات) أي قصائد الحبّ والهوى ، وكذلك المدائح النبوية ، والمدح ، والهجاء ، والفخر ، والغزل ، وغيرها من أغراض الشعر.
وأكثر ما كانت تلقى وتغنّى (العتابة) في حفلات الأذكار التي يقيمها المتصوّفة ، وأصحاب الطرق الصوفية في التكايا والمساجد.
ومن طريف ما يذكر أنّه إذا حدث لغطٌ في إحدى الزوايا أو ارتفع صوت بعض الحاضرين ينبري له أحد هؤلاء فينادي بصوت جهوري : (تربح ... يا مَنْ تصلي عالنبي تربح) إشارة إلى أنَّ الكلام قد يؤثر على رجال الحلقة ، وأن المقام محتشم ، ويوجب السكوت والإصغاء.
وتكتب (العتابة) على بحر (الوافر) كالأبوذية ، وهو :
(مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ فعولن )
ولعّل الأصح أن نقول : أنها تكتب على وزن معصوب الوافر ، وهو :
(مُفَاعَلْتُنْ مُفَاعَلْتُنْ فعولن )
وتحوّل إلى:
) مفاعيلن مفاعيلن فعولن)
مع مراعاة كلّ الجوازات الجائزة في الشعر فصيحاً وشعبياً ، حيث إنّ العتابة تعتمد على اللهجة لقربها إلى المتلقي.
وهي تتكون من أربعة أشطر ، ثلاثة منها متحدة القافية (الجناس) إلا أنها مختلفة المعنى ، أمّا الشطر الرابع فيختم بقافية مختلفة وهي (إما باء ساكنة وهو الأشهر ، وإما ألف مقصورة أو ممدودة) ، وهذه الباء الساكنة أو الألف المقصورة أو الممدودة تجئ زائدة على الوزن.

مثال لعتابة خُتِم شطرها الرابع بباء ساكنة:
تهزهز يالحد وانفض ترابيك
عزيز الروح هـالنايم ترابيك
لفانا العيد واعــيوني ترابيك
تهنّوا باللحود وآنه ابعذاب..

مثال آخر :
أريد أبجي على روحي ونوحي
يدنـيا ضاقـت ابعـينـي ونواحي
أخـوى إلـما نــفـعـنـي وانا حي
ما ريــده يـوم هـــيلات التراب

مثال لعتابة خُتِم شطرها الرابع بألف مقصورة :
هــلي ابــدار خــلّوني بدرهم
وخلّوني جــما لـهـايم بدارهم
متى يشرق على ليلي بدرهم
ويفرز لي الظلام إمن الضوى

مثال آخر :
يمــر الوقت لـحــظات وعقارب
وانا الملدوغ من سم وعقارب
متـى الأيـــام تجــمـعنا ع قارب
أنا وانـــــتـه ونـتصيّد سوا..


مثال لعتابة خُتِم شطرها الرابع بألف ممدودة :
أبات الــليـل يـمـحمــد سنه ون
ابسجن ومْجابل البوري سنه ون
إنـتــم وين يـحــبابي وانا ون
قطـعنا اليـاس مــنكم والرجا..

نلاحظ أن كلمة (الرجاء) قد حذفت منها (الهمزة) لإقامة الوزن.

ملاحظة: لم يلتزم الشعراء الحاليّون في فن (العتابة) قفلتها (بالباء ، أو الألف المقصورة ، أو الممدودة) إذْ راحوا يقفلونها بأيّ حرف يرونه مناسبًا باستثناء (حرف الأبوذية)
وقد قيل إن أوّل من قال العتابة , ومن قوله أخذت اسمها , رجل تعلّق بزوجته ,ولكنها هجرته رغم هيامه بها , وتدليله لها ,وكان اسمها ( عتابا ) فقال :
عتابا بـين لحظي وبين لفتي
عتابا ليــش ولغــيري ولفتي
أنا ما روح للقاضي ولا أفتي
عـــتــابا بالــثــلاثـة امـطـلـّقا

وقال آخرون إن أوّل من قالتها هي (فطيم البشر) وهي جدّة قبيلة (الجبور) وذلك لبعدها عن أهلها واشتياقها الشديد لأخبارهم .
ولا تذكر العتابة إلا ويذكر اسم (عبد الله الفاضل) وهو شيخ قبيلة (الحسنة من عنـزة) وقصّته مشهورة ومعروفة.

هلك شالوا علامك حول يا شيـر
وخلّوا لك عـظام الحيل يا شيـر
يـلو تــبكي بكـــل الــدمع يا شيـر
هـلـك شالوا على حـمــص وحـما..
هلي شالوا بليل وما علّموني
خـــلّـوني شبـيه المعــلـموني
تـمـنيــتك يروحي معـلــموني
معاهم لا صــميل ولا زهــاب

وقال أيضًا:
هلي لو شح قوت الناس عدنا
كرام واليـــتـــــيم يعيش عدنا
عقب ما كنا ذرو للناس عدنا
نـتـــذرى بالذي مـالــو ذرا..

ولكثرة أشعاره في هذا الفن زعم الكثير بأن (عبدالله الفاضل) هو من ابتدع شعر (العتابة)
ومما يُذكر عن ((عبدالله الفاضل) أنّه في أكثر عتاباته كان يبدأ بكلمة (هلي) حتى أصبحت سمة يُعرف بها.
أما رأينا المتواضع حول بداياتها وأوّليّة من قالها ، فنقول:
ليس هناك رأيٌ قاطع وصحيح يدلّ على أوليّة قائلها ، ولكنني أرى أن الأقرب إلى الصحة هو أن عشيرة (الجبور) هي من ابتكر هذا الفن ، ولعلّ أشهر الناظمين بها رجلان أولهما من عشيرة (الجبور واسمه حمادي الجاسم) ، والثاني من عشيرة (عنـزة وهو عبدالله الفاضل) وقد مرّ ذكره.
ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى أنّ فنّ (العتابة) قد ارتبط ارتباطًا وثيقًا بآلة الربابة ، فقد برع فنانون كثيرون في أدائها على تلك الآلة سواء من العراقيين أو السوريين.
ولا ننسى أن نذكر أنّ للسوريين ولا سيما أهل مدينة (دير الزور) القسط الأكبر في فن (العتابة) فهي تمثل جزءًا كبيرًا من حياتهم.

والآن لا يسعنا إلا أن نفتح بوّابةً لكلّ من يُحبّ هذين الفنيين للإبحار معنا بإيراد ما سمعه أو ما نظمه أو ما سينظمه في هذا الأفق الواسع والأصيل في شعرنا الشعبي.[size=7]
[/size]

فراس محمد فهمي أبونقرة
عضو نشيط
عضو نشيط

عدد الرسائل : 10
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 24/12/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى